Friday, May 18, 2007

أشياء أراها

رأيت الآن- الساعة الحادية عشر مساءاً- رجلاً متوسط القامة في الـعقد الخمسين يمتد كرشه لمسافة سنتيميترات لا بأس بها ويحمل كيساً بلاستيكياً ممتلئ بأشياء كثيرة لا أدري ما هي ربما أقراص طعمية و بضعة أرغفة من العيش ( الفينو ) و يرتدي نظارة وقد نزل تواً من الميكروباص و يجرى عابراً الشارع بسبب السيارات المسرعة كل هذا رأيته من نافذة المطبخ..... كل هذا رأيته في لحظات خاطفة.... وفكرت: هذا الشخص يشبه أي أب مصري ربما هو يشبه أبوك أيضاً ....أو أبي......ربما يشبهني أنا شخصياً بعد بضعة أعوام.

وفكرت : هذا الشخص له منزل وله زوجة تنتظره وله أولاد يجلسون لمشاهدة التليفزيون سيهرعون إليه لإستقباله على الباب يتلقفون منه أقراص الطعمية و أرغفة العيش ( الفينو ) – لو أنهم صغار السن و مطيعون-

وسيفرحون بما أحضره لهم و سيفرح هو لفرحتهم ويتناسى متاعب و شقاء اليوم وبعد العشاء سيضع جسده على السرير شاعراً بأن كل عظمة من عظام جسده بدأت أخيراً تتخذ و ضعاً مريحاً و أنه من فرط تعبه غير قادر على التقلب في السرير سينام كلوح الخشب و غداً يوم جديد ..........

لا

هذه ليست حياة

فهذا الشخص التعيس السعيد غابت عنه أشياء كثيرة و غاب عن الدنيا وغاب عن الوعي ولم يعد يهمه سوى الأولاد و المرتب و مطالب البيت و المواصلات و الأسعار ..... أسمعك تقول وهل هناك ما هو أهم..............

للأسف نعم هناك ما هو أهم :هناك الوعي ........الوعي بما يجري حولك، الوعي بموقعك من خريطة الحياة بل موقعك من خريطة الكون أين أنت ؟ و إلى أين تؤول ؟ ....الوعي بضرورة التطور ....الوعي بنفسك وعقلك وجسدك

أين أنت ؟ إلى أين أنت ذاهب ؟ ماذا تفعل ؟ لما تفعل ما تفعل ؟ ماذا تريد أن تفعل ؟ أم أنك قد كففت منذ سنين أن تريد.

الوعي بالإرادة : أنت لست حمارا

فلما رضيت بالإنحناء

لما رضيت بالإنحناء

فكرت : هل أنا حقاً راغب في الزواج من بنت الحلال و إنجاب أولاد حلال آخرين يرثون من أبيهم و أمهم الذل والخضوع و الخنوع و الرضا بالقليل و الكسل و السلبية و الغباء و التقليد الأعمى و التقاليد العمياء والأذنان الطويلتان و الذيل و البردعة.

لا أريد أن يكون ميراثي لأولادي بردعة كبيرة مزركشة من أفخر الأقمشية .... حتى لو كانت بردعة من الحرير

أريد أن يكون ميراثي لأولادي فخراً بما حققته في حياتي من إعمال للعقل و ثبات على الحق و سير عكس تيار السلبية و الخنوع و نجاحات تتلوها نجاحات وتغييراً حقيقياً أحدثه أو أشارك فيه حتى ولو لم يحدث في حياتي

هذا هو الميراث

في هذه الحالة فقط أقبل أن أتزوج و أنجب أطفالاً أفخر بهم قبل أن يفخروا بي

لا بد أن أجعلهم شيئاً و أن أعلمهم أن يرفضوا إرتداء أي نوع من أنواع البردعات الحريرية حريراً طبيعياً كان أو صناعياً و أنها هدية مردودة غير مقبولة و أنهم سيقاتلون طوال حياتهم من أجل ألا يرتدوا البردعة هم و لا أبنائهم إلى يوم الدين .

كل هذا رأيته من نافذة المطبخ

No comments: